معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال

معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال

توصلت الدول المتقدمة بعد طول عناء وتجربة إلى أهمية التربية السوية للطفل وعدم إرهاق الأطفال بالعمل , وترك الفرصة لهم للعب والاستمتاع بطفولتهم علاوة على التربية الأسرية السوية , وقد سبق الاسلام هؤلاء في رعاية الأطفال ومداعبتهم ورفع التكليف عنهم وتعليمهم ما يناسبهم , وهذا ما يجب أن تجسده مناهج الحضانات ورياض الأطفال الى جانب الوالدان ومن ينوبهم في البيت ؛ وقد جسدت السنة النبوية المطهرة حقوق الأطفال في الرعاية والتدليل والتعلم المفيد في مواقف عديدة منها :

أنه كان صلى الله عليه وسلم يُحب الأطفال ويُداعبهم ويشاركهم لعبهم وامتد عطفه ورحمته إلى الطفل المسلم وغير المسلم ؛ فكان يحمل حفيده الحسن بن علي بن أبي طالب ويضعه على كتفيه الشريفتين ويداعبهُ ثم يضمّه ويُقبلهُ ويدعو الله قائلاً اللهم أَحِبَّهُ فإنِي أُحِبُّهُ )0
وكان يرفع ابنته فاطمة الزهراء رضى الله عنها وهى صغيرة عاليآ ثم ينزلها إلى يده, وكان يفعل ذلك عدة مرات ثم يقول " ريحانة أشمُها و رِزقُها على ربها" 0
وعن جابر قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما وهو يقول : " نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما" .
وكان النبى عليه الصلاة والسلام يركب أحفاده الحسن والحسين على ظهره ويقول " نعم الفارسان ولدىَّ هذان" 0
وكان كلما دخلت عليه فاطمة ابنته قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن التفرقة بين الأبناء ويقول : " اتقوا الله وأعدلوا في أولادكم" .
وعن أنس رضي الله عنه أن رجلاًٍ كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابن له فقبله وأجلسه على فخذه، وجاءت بنت له فأجسلها بين يديه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا سويت بينهم ؟ " .
وجاء النعمان بن بشير إلى رسول الله فقال : إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله ، قال : " أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ " قال : لا ، قال : " فاتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم " فرجع في عطيته. ومن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالأطفال أنه قال : ( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا) 0
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن منهم الصغير والكبير والضعيف والمريض، فإذا صلى وحده فليصل كيف يشاء" .
وعن أنس رضي الله عنه قال : ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف عنه مخافة أن تفتن أمه . ويؤكد صلى الله عليه وسلم ذلك بنفسه فيقول : " إني لأدخل الصلاة وأنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبي فأتجاوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه" .
وعن عبد الله بن شداد عن أبيه قال : (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء ، وهو حامل حسنا أو حسينا ، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ، ثم كبر للصلاة فصلى ، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها ، قال أبي: فرفعت رأسي، وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو ساجد ، فرجعت إلى سجودي ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس : يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر ، أو أنه يوحى إليك ، قال : كل ذلك لم يكن ، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته) .
وكان النبى عليه الصلاة والسلام يصلي بالناس يوماً فأتت حفيدته أمامة ابنة زينب وزحفت حتى وصلت إلى مكان صلاة النبي فحملها بين يديه وهو في الصلاة إذا ركع وضعها وإذا سجد وضعها وإذا قام حملها بين يديه صلى الله عليه وسلم .
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال : " صدق الله ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة) ، فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما " .
وعن أبي هريرة قال: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنه وعنده الأقرع بن حابس جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : "من لا يرحم لا يرحم " 0
وحث النبي صلى الله عليه وسلم الآباء على رحمة الأبناء فعن أنس رضي الله عنه أن امرأة جاءت إلى عائشة رضي الله عنها فأعطتها ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أمهما، فعمدت الأم إلى التمرة فشقتها فأعطت كل صبي نصف تمرة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة رضي الله عنها فقال:" وما يعجبك من ذلك، لقد رحمها الله برحمتها صبييها" 0
وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلنا عليه أنا وغلمة معي فوجدناه يأكل تمراً في قناع ومعه ناس من أصحاب فقبض لنا من ذلك التمر قبضة قبضة ومسح على رؤوسنا.
وعن السائب بن يزيد قال: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع، قال: فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضاً فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة.
وعن رافع بن عمرو الغفاري رضي الله عنه قال: كنت وأنا غلام أرمي نخلاً للأنصار ، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: إن هاهنا غلاماً يرمي نخلنا، فأتي بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا غلام ، لم ترمي النخل ؟ " قلت : آكل ! قال : " فلا ترم النخل، وكل ما يسقط في أسافلها " ثم مسح رأسي وقال : "اللهم أشبع بطنه " . ومن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأطفال الأعداء وقبيل غزوة بدر أرسل النبي صلى الله عليه وسلم استخباراته من أصحابه ليستكشفوا أخبار العدو، فقبضوا على غلامين كانا يستقيان لجيش مكة، فسألوهما: لمن أنتما؟ قالا : نحن سقاة قريش، فظن الصحابة أنهما يكذبان وأنهما لأبي سفيان، فضربوهما ضرباً موجعاً حتى قالا: نحن لأبي سفيان فتركوهما، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي حينها فلما فرغ من صلاته استنكر ما فعله أصحابه وقال لهم وهو : " إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما؟ صدقا والله، إنهما لقريش " ، وبدأ صلى الله عليه وسلم باستجوابهما دون تخويف فسألهما: " كم القوم ؟ " قالا : كثير، قال : " ما عدتهم ؟ " قالا : لا ندري، فقال : " كم ينحرون من الإبل كل يوم؟ " قالا : يوماً تسعاً ويوماً عشراً . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " القوم ما بين التسعمائة إلى الألف" لأن البعير يكفي من تسعين إلى مائة فرد .
ومن تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال أنه كان يصحبهم ويعلمهم دينهم وكان ممن صحبهم: أنس بن مالك، وابني جعفر بن أبي طالب، والفضل ابن عمه وعبد الله بن عباس وقد اصطحبه يومآ وقال له :" يا غلام، إني أعلمك كلمات ، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء؛ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء؛ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" 0وكان صلى الله عليه وسلم يصف الأطفال في الصف الأخير ويأمرهم بتسوية الصفوف. قال ابن مسعود رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم" . وكان يحذرهم صلى الله عليه وسلم من الالتفات في الصلاة فيقول: " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد" وكان صلى الله عليه وسلم يصحبهم للصلاة ويمسح خدودهم رحمة وإعجاباً بهم .
وكان يعلمهم سنة السلام كما ورد في الحديث الشريف : " فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم على الصبيان وهم يلعبون" .
قال أنس : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بني، إذا دخلت على أهلك فسلم، يكن بركة عليك وعلى أهلك". وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فأسر إلى حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس." ولم يخبر عبد الله أحدآ من الناس بالسر .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل مع الأطفال، كى يعلمهم آداب الأكل . يقول عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه: كنت غلاماً في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم" يا غلام، سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك" 0
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " يا بني إذا قدرت أن تصبح وتمسي، ليس في قلبك غش لأحد فافعل" 0
وروى أبو سعيد الخدري –رضي الله عنه– أن سعد بن مالك – رضي الله عنه – ممن استُصغِر يوم أحد، يقول -رضي الله عنه- إن الرسول – صلى الله عليه وسلم- نظر إليه، وقال: سعد بن مالك؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي. قال: فدنوت منه فقبّلت ركبته، فقال : "آجرك الله في أبيك"، وكان قد قتل يومئذٍ شهيداً. فقد عامله الرسول – صلى الله عليه وسلم- وعزّاه تعزية الكبار، وواساه في مصيبته بعد ميدان المعركة مباشرة.
كما اهتم الرسول – صلى الله عليه وسلم- في بناء شخصية الناشئين من حوله،حيث روى مسلم عن سعد الساعدي – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أتى بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره شيوخ، فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء"؟ فقال الغلام: لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً". وهكذا يعتاد الطفل على الجرأة الأدبية، فينشأ وفيه قوة رأي ورجاحة عقل، بعيداً عن روح الانهزامية والسلبية، وهذا يتنافى مع الحياء الذي فرضه الإسلام .
ومما رواه البخاري عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: (كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي) وهكذا لا تحرم الناشئة من الحنان الطبيعي، والمرح الذي يجدد النشاط ، على أن يكون ذلك متوازياً، يحفظ لهم شخصياتهم وتماسكهم الوجداني .
وروي عن عبد الله بن الحارث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبدالله وعبيد الله وكثير بن العباس ثم يقول: "من سبق إلى فله كذا وكذا، قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم".
وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وكان لي أخ يقال له: أبو عمر وهو فطيم كان إذا جاءنا قال: يا أبا عمير ما فعل النغير،لنغر ٍ كان يلعب به ، وربما حضرت الصلاة وهو في بيتنا، فيأمرنا بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينفح، ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا ) رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود. والنغير: هو طائر صغير 0وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم 0

هذا أيها الأحباب جزء يسير مما كان يفعله النبي – صلى الله عليه وسلم- مع الناشئة، فحري بنا أن نقتدي به وبسنته ونهجه – صلى الله عليه وسلم- في تربية أبنائنا، نسأل الله تعالى أن يخلص لنا النية ، وأن يهدي ويبارك لنا في ذرياتنا

عليه الف صلاة وسلام

كان قرانا يمشي بين عباد الله
ينصف المظلوم
فكيف به يعامل الاطفال الا بالحسنى

مشكورو لمرورك

امييين جزاك الله الف خير و اللهما جعله في ميزان حسناتك

مشكورة لمرورك الهام